الإمام الشيخ البوصيري بالمشرق
والشريفة للا فاطمة الشنتوف بالمغرب
بين قرية "دلاص" و قرية "بوصير" ببني سويف من صعيد مصر ..سطع نور رباني بمولد ..شرف الدين محمد بن سعيد بن حماد الصنهاجي والذي اشتهر بلقب البوصيري نسبة لقرية " بوصير " التي ترعرع فيها ودرس القرآن الكريم بها وأهلته لتلقي العلوم الفقهية والأدبية بالقاهرة ، ليرتقى إلى درجة الشيخ العالم والإمام ..كان تسبيحه هو الصلاة والتسليم على الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بالغدو و الآصال..رغم تعرضه لشلل أقعده عن المشي فلم يقعسه مرض عن تسابيحه في الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ،وأعد قصيدة مطولة يمدح خلالها الرسول{ص}.. ألفها وهو في فراش المرض ومُقعد ،وهذا مقتطف منها :
مولاي صلي وسلم دائماً أبداً...على حبيبك خير الخلق كلهم
أمنْ تذكر جيرانٍ بذى ســــلمٍ مزجْتَ دمعا جَرَى من مقلةٍ بـــدمِ
أَمْ هبَّتِ الريحُ مِنْ تلقاءِ كاظمـــةٍ وأَومض البرق في الظَّلْماءِ من إِضـمِ
فما لعينيك إن قلت اكْفُفا هَمَتــا وما لقلبك إن قلت استفق يهــــمِ
أيحسب الصبُ أنّ الحب منكتـــمٌ ما بين منسجم منه ومضْطَّــــــرمِ
لولا الهوى لم ترق دمعاً على طـللٍ ولا أرقْتَ لذكر البانِ والعَلــــمِ
فكيف تنكر حباً بعد ما شــهدتْ به عليك عدول الدمع والســــقمِ
وأثبت الوجدُ خطَّيْ عبرةٍ وضــنىً مثل البهار على خديك والعنــــمِ
نعمْ سرى طيفُ منْ أهوى فأرقـني والحب يعترض اللذات بالألــــمِ
يا لائمي في الهوى العذري معذرة مني إليك ولو أنصفت لم تلــــمِ
عَدتْكَ حالِيَ لا سِرِّي بمســـــتترٍ عن الوشاة ولا دائي بمنحســــمِ
محضْتني النصح لكن لست أســمعهُ إن المحب عن العذال في صــممِ
إنى اتهمت نصيحَ الشيب في عذَلٍ والشيبُ أبعدُ في نصح عن التهــم
فإنَّ أمَارتي بالسوءِ ما أتعظـــتْ من جهلها بنذير الشيب والهـــرمِ
ولهذه القصيدة كلام كبير يمدح النبي صلى الله عليه وسلم بمفردات لايفهم فحواها إلا المتضلع في اللغة ، ولما أفرغ من كتابتها حسب روايات متداولة وقف عليه في نومه رسول الله {ص} وحثه أن يقرأها عليه فلما أفرغ من قراءتها أزاح الرسول {ص} من كتفه الشريف ما يسمى بالبُرنص أو السلهام أو البُردة وألبسها للإمام الشيخ البوصيري...فاستيقظ هذا الأخير من نومه
ليجد نفسه قد شفي من مرضه وأصبح قادراً على المشي وفي صحة جيدة ببركة
البُردة التي ألبسها له رسول الله {ص} ..وعليه أطلق على تلك القصيدة إسم ....
..[ البُردة] تيمناً بالبُردة التي ألبسها إياه رسول الله {ص}في المنام..كما أعد الإمام الشيخ البوصيري قصيدة مطولة أخرى يمدح فيها رسول الله {ص} أطلق عليها إسم [ متن الهمزية ] وهذا مقتطف منها :
كيف ترقى رُقيك الأنبياء ....يا سماءً ماطاولتها السماءُ
والجميل أن بعضاً من نساء المغرب ،أعددن كلمات مبسطة بالدارجة الشمالية المغربية تمجد الله سبحانه وتدعوه وتمدح نبيه {ص} وركبناها على إيقاع همزية البوصيري و هذا نموذ نموذج منها :/
ياربي يا العْزيز واسْتَجِبْ دُعَاياَ........وأنا كَنْتْرْجَاكْ تْكْمْلْ رْجَايَا
وأضحى هذا إرثاً تناقلته نساء {الْفْقَايَرْ} أو نساء أهل الله ، من بينهن الشريفة للافاطمة الشنتوف سليلة بيت الولي الصالح سيدي المجيح علال بن الولي الصالح مولاي عبد السلام بن مشيش من أبناء عمومة الشرفاء الأدارسة بالمغرب ..كانت الشريفة للافاطمة الشنتوف طاهرة تتلوا هذه الأبيات المطولة بالدارجة المغربية الشمالية على إيقاع همزية البوصيري في مناسبة اجتماع أحفادها وأبنائها وأهل الله ، فيعجز السامع عن التكلم لما يصدر من حنجرتها ...من عذب الكلام وصوت دافيء يخرج من قلب مُحَاط بلأنوار الربانية ..كلمات عامية شمالية يتفهم فحواها المثقف والأمي....ترفعك إلى أعلى الدرجات...وكذلك تفعل في خلوتها مع الله..متنعمة بالأذكار والتسابيح والصلاة على خير البرية ..ولازالت أتذكر ذلك الكلام الجميل الذي ترتاح له الأنفس وهي تردد:
يارْبي يا العَالي يا العَالْمْ بِحَالي....وَأنا بْلاَ ذِكْرْ الله حْتَاشي ما يْحْلالي
حبذا لو أن وزارة الثقافة شكلت خلية لجمع هذه التراث الثري وإعداده ضمن ديوان يحمل إسم {الهمزية على النمط المغربي }
رحم الله الشريفة للا فاطمة الشنتوف وأسلافها ممن أبدعن في ذكر الله ومدح النبي محمد صلى الله عليه وسلم على النمط همزية الشيخ البوصيري ن وتحية إكبار لكل الشرفاء الأدارسة وابناء عمومتهم بالمغرب .
بقلم : أحمد المرابط/ الرابطة