زرهون مدينة جبلية مغربية، تقع قرب مدينة مكناس وتسمى أيضا مدينة مولاي إدريس زرهون، نسبة إلى مؤسس الدولة الإدريسية وتمثل هذه المدينة كعاصمة لأول دولة إسلامية في المغرب وإفريقيا، مستقلة عن المشرق منذ القرن السادس الميلادي، ورغم صغر حجمها، إلا أنها كبيرة برمزيتها وتاريخها بالنسبة للحضارة المغربية والمغرب العربي وغرب إفريقيا ككل.
موسم مولاي إدريس
وتتزين مدينة مولاي إدريس زرهون كل سنة لتحتضن موسمها السنوي الصيفي الذي يدوم أربعة أسابيع، ويبدأ الموسم بحضور أصحاب الزاوية العلمية أو العلميين، حيث يدوم حضور هذه الزاوية يومين تقريبا.
وبعد ذلك يصل المهرجان إلى حفل "لكبير"، وهو حفل يدوم يومين، ويجمع عدة طوائف من بينها عيساوة وحمادشة وغيرهم من أهل التراث المحلي بالمنطقة، وبعد انتهاء حفل "لكبير" يأتي دور القبائل المجاورة كبني حسان وعدد من القبائل الأمازيغية التي تعرض لثقافتها ولتراثها وكذلك لمنتجاتها الفلاحية والتجارية، بحيث يشكل هذا الموسم مناسبة رائعة للمدينة كي تنتعش تجاريا، وهي التي تغط في سبات عميق طوال باقي أيام السنة..
ضريح مولاي إدريس: قلب المدينة
وسط هذه المدينة يوجد قبر المولى إدريس الأول، الذي يعد ضريحه أهم منطقة سياحية بالمدينة، ويقع في ساحة بئر انزران الساحة الرئيسية وسط المدينة، حيث تنتشر المقاهي الشعبية التي توفر للزائر فرصة شرب كأس شاي بالنعناع، أو كأس من "الرايب" البلدي الذي تمتاز به هذه المدينة.
وتنتشر كذلك المطاعم التي تقدم للزائر المادة الغذائية الأشهر بالمدينة: الكفتة، حيث من المستحيل على زائر المدينة – إلا إذا كان نباتيا - أن لا يستمتع بمذاق الكفتة الزرهونية، والسبب في هذا المذاق هو: "حنا كنتهلاو في الخرفان والعجول ديالنا..باش حتا هي تتهلا فينا..زيدها العطرية التي كنديرو فالكفتة.." يقول صاحب مطعم بالساحة.
وفي الساحة كذلك، ينتشر أصحاب المحلات الذين يبيعون ما يسمى بـ "باروك مولاي ادريس"، والباروك هو شراء شيء يتذكر به الزائر المدينة من الحلوى، الاكسسورات، والعطور، والبخور وما إلى ذلك، إضافة للشموع التي يشتريها الزائر من أجل وضعها قرب ضريح المولى إدريس كنوع من الطقوس التي دأب عليها المغاربة..
"هاد التجار غاديا لور لور..بنادم ولا يجي غير يتفرج ما بقا كيشري والو"..يقول عبد السلام، 21 سنة، الذي يعمل أيام العطل في محل والده، باعتبار أنه قد حصل هذه السنة على شهادة الباكالوريا. ونظرا لعدم وجود أية مؤسسة للتعليم العالي بالمدينة، سيتحتم عليه الانتقال إلى مدينة مكناس لاستكمال دراسته.
بوابة كبيرة تلك التي تدعوك لزيارة ضريح مولاي إدريس الأول، حيث يستقبلك شرطي بنظرات ثاقبة ليتأكد من طريقة لباسك، فممنوع الدخول بلباس قصير سواء من طرف النساء أو الرجال، ويتأكد كذلك من سحنة بشرتك ليعرف هل أنت مسلم أم لا، بحكم منع الدخول بالنسبة لغير المسلمين، لتلج بعد ذلك المسجد الذي يتواجد فيه الضريح، حيث يجلس عدد من الفقهاء يتلون آيات من القرآن الكريم، فيما بعض الزوار ـ غالبيتهم من النساء ـ يجلسون على الحصير في جنبات المسجد، يطلبون بركات المولى إدريس..
مدينة ساحرة
مدينة مولاي إدريس زرهون تجمع بين بياض المدن الساحلية المغربية، وعراقة عمارة المدن القديمة المغربية، عبق تاريخي أصيل بين أزقتها، ومنظر ساحر ذلك الذي تشاهده بعد أن تصعد عددا من سلالم أحيائها.
وهناك تتجلى أمامك المدينة بشكل كامل، وتشاهد أيضا جبلا يتخذ شكلا قريبا من شكل خارطة المغرب، وتتراءى لك الحامة الشهيرة بالمدينة التي تداوي الكثير من الأمراض ـ والتي للأسف تصادف وجودنا مع انطلاق أشغال منعتنا من زيارتهاـ ، فمشقة الوصول إلى هذا المنظر الجميل لا يمكن أن تنسى سوى بصورة تبقى شاهدة على زيارة للعاصمة الإسلامية الأولى للمغرب.